رئيس مجلس التحرير
د. محمد الباز
رئيس التحرير
وائل لطفى
تقارير وتحقيقات
الجمعة 05/يناير/2018 - 09:50 م

في ندوة مركز دال .. اغتيال السادات أطلق عنف الإسلام السياسي

في ندوة مركز دال
كتب : رباب الحكيم
aman-dostor.org/5515

عسكري متقاعد  هو الذي أطلق الرصاص على الراحل محمد أنور السادات

بعض قيادات الإرهاب تعاني من هواجس فكرية وهلوسة سمعية وبصرية

«الفريضة الغائبة» و«أصناف الحكام وأحكمهم » شرعنة اغتيال السادات

هناك أزمة في  بعض كتب التراث وتصحيحها بات أمراً واجباً

تأويلات السبعينيات أخرجت قيادات تنظيم «القاعدة» و «داعش»  من القمقم

مصطلحات مثل «الثورة الإسلامية» و «الثورة الإصلاحية» تعد من بنات أفكار حسن البنا

يوسف القرضاوى أشهر الذين انقلبوا علي الفكر الإيراني



عقد مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي ندوة بعنوان " موت السادات وانطلاق عنف الإسلام السياسي " قدمها الباحث في الشوؤن الإنسانية أحمد سعد زايد تناول فيها قراءة متأنية لنهاية فترة السبعينيات وتوتر العلاقة بين الرئيس المصري محمد أنور السادات والجماعات الإسلامية التي قررت إنهاء هذه الحالة بالتخلص من الرئيس المصري وقتله في 6 أكتوبر عام 1981م، عقب مقتل الرئيس السادات انطلقت موجة عنف من الجماعات الإسلامية داخل المجتمع المصري بداية من أحداث أسيوط التي تمت في نفس العام وغيرها من أحداث العنف التي تلتها. 

اللغة الفقهية المتشددة 

قال زايد: إن اعجاب أعضاء جماعة أنصار السنة المحمدية ببعض الأفكار الإخوانية وخصوصًا أفكار سيد قطب البلاغية بالإضافة لبعض الأفكار السلفية التي اكسبتهم لغة فقهية، كانت بمثابة فتاوى شبه نهائية واضحة أدت إلى " فتوى قتل السادات " .

موضحًا أن من أسباب قتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، هو كتاب "الفريضة الغائبة" لـ محمد عبد السلام فرج الذي أحدث ضجة عنيفة بين الكثيرين داخل التيار الإسلامي والعلماني، وبعد نشره بثلاث أعوام أُغتيل الرئيس الراحل، ثم بعد ست أشهر حكم على المؤلف بالإعدام عام 1982م. 

تابع: أن كتاب «أصناف الحكام» لـ عمر عبد الرحمن، التي يدعوا إلى وجوب الخروج على الحاكم الذي لا يطبق أحكام الشريعة باستخدام فتاوى تخدم فكرهم ومنها فتاوى بن تيمية أو غيرها، بالإضافة إلى مواجهة الحكام والدعوة للخروج عليهم، وانتشرت هذه الأفكار بين الشباب بمنشورات مكتوبة بخط اليد؛ مما نتج عن ذلك عدد من الأعمال الإرهابية كحرق «الفديوهات» و «المقاهي» ، ومحاولة قتل ثلاث وزراء داخلية وإغتيال رئيس مجلس الشعب د «رفعت المحجوب»، وأيضًا محاولة اغتيال الرئيس المعزول محمد حسني مبارك في أديس أبابا، والاعتداء على السياحة، وكذلك في تلك الفترة قُتل «فرج فودة» ومحاولة اغتيال الاديب  العالمي  «نجيب محفوظ». 

أشار زايد إلى أن البعض يزعم أن فكر التيارات الإسلامية يشمل فكر بن تيمية ومحمد عبد الوهاب فقط، بل هو يحتوي كذلك على التراث، ومع الأسف ينسب كل الأفعال المتطرفة للجماعة الإرهابية إلى فكر بن تيمية، موضحًا أن هناك أزمة في التراث، ولأبد من تصحيحها. 

وحول تعريف الارهاب ومن له حق ممارسته قال " إن الدولة لا تمارس الإرهاب لأنها تستخدام العنف الرسمي او المتاح أو ما يسمى "بالقوة المشروعة" حيث تخضع لقانون البلاد، وذلك ما يميزها عن غيرها؛ فمفهوم الإرهاب لا ينطبق عليها، ويتبين تعريف الإرهاب أنه " استخدام شخص أو جماعة للعنف من أجل أهداف سياسية" وخصوصًا ضد أهداف أمن البلاد. 

الإرهاب والعنف 

أوضح زايد أن التيارات الإسلامية انشطرت إلى مجموعتين، الأولى التي تدعوا للتوجه للعنف والإرهاب ، كما أنهم أول من أسسوا ثقافة العنف الديني، ولكن لم تتخذ مكانة شعبية، كما تأسس تنظيم الجهاد والذي يٌعد نظام خاص شبه عسكري "مسلح"، على عكس من الجماعة الإسلامية وهو التوجه الثاني التي يسهل الدخول له، كما لا يلجأون للعنف مرة واحدة، بل يفرضون أفكارهم على الناس بالقوة لزيادة أعدادهم ويُدخلون في نظام عام يشكل أعضاء الجماعة ليخترقون   مؤسسات  الدولة ، مضيفًا أن من اعتقادتهم أن أي شخص خارج جماعة المسلمين يعتبر غير مسلم، وكذلك يطلقون على أنفسهم مجاهدين، على الرغم من سفكهم دماء الأبرياء. 

واستدرك: أن من بين أفكار التيارات الإسلامية أن الإسلام انتشر بالسيف إذا لم يستطيعوا نشره بالدعوة، كما يأتوا بأحاديث في ذلك الفكر المتطرف المغلوط في فهم الصحيح لمقصد النصوص المقدسه والأحاديث السنة النبوية، كما قال الرسول -صلى الله عهليه وسلم- :"بعثت بالسيف بين يدي الساعة"، وكذلك "لقد جئتكم بالذبح"، وأيضًا (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)، ولكن فهم البعض له على أنه يجب استخدام السيف لنشر الإسلام فهو فهم خاطئ، مؤكدًا أنه حديثٌ صحيحٌ أُسيء شرحه فهمه، كما يستخدمون تأويل يخدم أهدافهم، حيث يخرج من تحت هذه العباءة تنظيم «القاعدة» و«داعش» الآن .

وتابع: أن الغريب في هذه الجماعات تكفر بعضها لبعض، وعلى الرغم أن جميعهم يكاد يحمل أفكار حسن البنا وسيد قطب، فتعٌد المشكلة الأساسية في التراث الذي يختلفون عليه في توقيت تنفيذ ما به، بالإضافة أنهم يحملونه تفسيرات واقعية تؤدي إلى هذه الأفعال العنيفة البشعة، كل هذا يؤدي إلي أفعال العنف والأعمال الانتحارية التي ترجع إلى اعتقداتهم المغلوطة بمفهوم الجهاد في سبيل الله. 

البطش والتعذيب 

أضاف أن هناك عوامل واقعية أثرت في هذه الجماعات مثل البطش الشديد والتعذيب في سجون خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وأفكار صالح سرية التي من خلالها بدأ يظهر مصطلح الثورة الإسلامية، وهي ما تخالف بالطبع مصطلح الثورة الإصلاحية، هذا المصطلح الذي يُعد من مبادئ حسن البنا التي يؤمن بها؛ ففي كتاب "المنهج الحركي للسيرة النبوية" لمنير الغضبان أحد قيادات الإخوان في سوريا يطرح تأويل أفعال الرسول وفقًا لسلوكيات الحدث، كما يستخدم القهر وسفك الدماء والاستشهاد من منظورهم، مضيفًا أنهم وضعوا أنفسهم مكان الرسول للإصلاح الأمة، والدعوة للثورة الإسلامية، وبإزالة مفاصل الدولة و رؤوسها حتى توضع الدولة تحت أيديهم رغبًة في حدوث انقلاب إسلامي.

واستطرد أن كثير من الرموز الإسلامية كانت تروج لثورة الإيرانية، كما أنها تُعد من المؤثرات القوية لنشاط التيارات الإسلامية الواقعة خلال عام 1979م، وتأثرت بها بعض قيادات التيارات الإسلامية داخل مصر في بداية الثمانينيات ومنهم عبد الله عزام أحد زعماء الجهاد في افغانستان وكان من المصرين على مجاملة الثورة الإيرانية وبدأ الانقلاب على ايران بعدها ، ومن أشهر الذين انقلبوا على الفكر الإيراني يوسف القرضاوي وبعد ذلك غير موقفه تمامًا، حيث يرى أن الاختلاف بين جميع الطوائف الدينية كـ الشيعة وأهل السنة والحنبلة والشافعية و ـ من وجهة نظره ـ أننا جميعًا مسلمون، مؤكدًا أن الفتنة الطائفية موجودة من أيام الحكم الملكي في مصر، ويتبين من خلال شعارات يهدف بها الشعب «عاش الهلال مع الصليب»؛ فالمجتمع متشدد ويرجع للمشكلة الكبرى في التراث وما به من مغلطات فكرية.

وكما بدأت الأفكار تتطور في ساحة المعركة بين التيارات الإسلامية والحكومات العربية، فعلى المستوى الدولي تصاعدت وتيرة الاحداث في المغرب العربي وخاصة الجزائر وهو ما عرف بالعشرية السوداء بالجزائر وفي ذاك الوقت انتشرت الأسلحة ومهاجمة المواطنين بمنازلهم وقتل المثقفين، أما في المملكة العربية السعودية حدث سيطرة بعض الجماعات المتطرفة علي بعض الأماكن المقدسة كـ احتلال الكعبة من قبل جهيمان العتيبي وصدق كثير من الناس اشاعة التيارات الإسلامية بظهور المهدي المنتظر.

حيث استنادوا إلى أحاديث عن النبي المهدي من أهل البيت، يصلحه الله في ليلة، كما تأثر العامة بكلام قيادات التيارات الإرهابية، مما ظهر عليهم هلوسة سمعية وبصرية وحتى وصل الأمر إلى الهواجس الفكرية، وكذلك في أحلامهم حيث حلم البعض منهم بأنه المهدي المنتظر.

العرض العسكري 

وفي نفس السياق،  ويتضح من خلال اعترافات خالد الإسلامبولي هو ضابط من ضباط القوات المسلحة فقد كان شقيقه عضو في التنظيم الجماعة الإسلامية فى الصعيد وصديق لعبد السلام فرج صاحب كتاب «الفريضة الغائبة» وإشترك معهم عبود الزمر وحسين عباس والذي يعد من الشخصيات المحورية في عملية قتل الرئيس الراحل السادات، الحاصل على بطولات متتالية على مستوى الجمهورية في النشان، ولكن تقاعد من القوات المسلحة للظروف صحية لديه، مشيرًا إلى أن حسين عباس هو الشخص القائم بإطلاق الرصاص على رقبة الرئيس الراحل محمد أنور السادات في حفل العرض العسكري احتفالًا بإنتصار أُكتوبر.

وختم الباحث الندوة بأن أول عملية إغتيال السادات، لم تكن الاولى ولكن هناك محاولات عديدة تم احباطها أمنيًا، قد يرجع قرار قتل السادات إلى توجهات الشيخ عمر عبد الرحمن، موضحًا أنه أفتي الجماعة في قتل السادات سواء قتله بالطائرة أثناء الاحتفال بأكتوبر أم يكون بطريقة مباشرة كما حصل في الواقعة، كل هذا تم تحت موافقة قيادات التنظيمات والجماعات المتطرفة، والتي تلتها أحداث أسيوط في الصعيد لما لها من طبيعة تميزها عن باقية المحافظات المصرية حيث – تحتوي على جامعة أسيوط – وبها أكثر طلاب التيارات الإسلامية؛ فتم إحتلال مديرية أمن أسيوط والقيام بالأعمال الدموية بقتل الضباط، كما أصبحت البلاد في حالة من الفوضى، ومن ثم قامت أجهزة الأمن بالقبض على كل من يشتبه إن لديه صلة بالتيارات الإسلامية .