رئيس مجلس التحرير
د. محمد الباز
رئيس التحرير
وائل لطفى
قراءات
الأحد 15/أغسطس/2021 - 10:49 م

الهروب الكبير.. لماذا سقطت «كابول» فى «فخ طالبان»؟

طالبان
طالبان
سارة الشلقاني
aman-dostor.org/38003

غيمة سوداء تسحبت شيئًا فشيئا لتغطي سماء "كابول" عاصمة أفغانستان.. ذلك هو الحال الذي تعيشه المدينة بعد عودة حركة "طالبان"- التي طُردت قبل 20 عاما- وتمكنها من السيطرة على القصر الرئاسي، بعد التسلل إلى ضواحي العاصمة ومحاصرتها، والتلويح بمزاعم "انتظار الانتقال السلمي للسطة" وإلا ينطلق الرصاص.

وشهدت "كابول" حالة من التخلي الممنهج، فأُجليَّ رئيس البلاد أشرف غني أحمدزي، لخارجها تجاه طاجيكستان، ومنها إلى سلطنة عمان، بعد يوم واحد من وعده بحشد القوى الأمنية لمنع سقوطها، بل أجليت أية بعثات دبلوماسية أيضًا، ليبقى الشعب في خط المواجهة الأول، تليه دول العالم، خاصة المستهدفة منها، ضد إرهاب طالبان الأسود، والذي يُصدَّر دائمًا.

وأعلنت القوى الدولية إجلاء بعثاتها من أفغانستان، في عمليات سببت لهم حرجا شديدا، إذ ظهروا كأنهم يتسللون هربا من ذلك الكابوس، الذين رتبوه بأنفسهم من قبل، والآن تركوه ليبسط سيطرته من جديدة على العاصمة الأفغانية، التي طرد منها قبل عقدين من الزمن، وتحديدا في عام 2001.

«طالبان في كابول».. أين أمريكا؟
بدأت تحركات طالبان الموسعة للسيطرة على البلاد في مايو الماضي، وهو الشهر الذي كان مقررا فيه سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، وفق الاتفاق الموقع بين الحركة وواشنطن، بينما أرجأ الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد توليه منصبه، ذلك الموعد ليصبح 31 أغسطس الجاري.

وجاء القرار الأمريكي بسحب القوات من أفغانستان في ذلك الموعد، بعد قول بايدن إنها "أنهت مهمتها في القضاء على الإرهاب"، وإن أي وجود هناك لمدة إضافية سيعمق من الحرب.

ومحاولا إبعاد أي شكوك أو قلق حول تحركات طالبان، وقواتها والإرهاب، حيث نفى بايدن، في خطاب له داخل البيت الأبيض، يوليو الماضي، أن تكون هناك أي فرص لطالبان بفرض السيطرة الحتمية، متحججًا بأن قوة الحركة حوالي 75 ألف مقاتل، بينما قوات الأمن الأفغانية يصل قوامها لـ300 ألف شخص.. إذا لماذا خالفت طالبان ما توقعه بايدن الآن؟ فبالتزامن مع خروج القوات الأمريكية، تنتشر طالبان في الداخل، كتحريك قطع الشطرنج كل يستولى على مكان اآأخر.

لا شك أن الإدارة الأمريكية تدرس قراراتها وخطواتها بعناية شديدة للغاية، وتضع كل السيناريوهات الممكنة على طاولتها، لكنها الآن قررت الانسحاب من أمام طالبان بشكل علني، وبخطوات سريعة، في ظل التقدم السريع أيضًا من قبل الحركة.

وأعلنت أمريكا سحب دبلوماسييها من كابول، ووضعت هناك نحو 5 آلاف جندي، للإشراف على تلك العملية حتى النهاية، وبدأت المروحيات أعمالها بالتوجه إلى مطار العاصمة الأفغانية لنقل الأشخاص، عقب نقلهم إلى أماكن آمنة بالقرب منه.

لم يكن الإجلاء هو القرار الوحيد التي اتخذته واشنطن خلف خطوات طالبان، لكنها وجهت موظفيها في السفارة بإتلاف أي أوراق هامة أو حساسة كانت بحوزتهم، خوفا من أن تستخدمها الحركة الأفغانية، على حد وصفهم.

وجاء في وثيقة، بحسب ما اطلعت عليه وكالة «فرانس برس» قبل يومين، أن واشنطن أبلغت موظفي السفارة بمكان وجود المحرقة وغيرها من معدات إتلاف الوثائق، التي تتضمن شعار السفارة أو الوزارة والأعلام الأمريكية والأشياء الأخرى التي يمكن استخدامها لأغراض الدعاية، وهو ما لم ينكره متحدث وزارة الخارجية الأمريكية، قائلا إنه إجراء اعتيادي حال تقليص الوجود الدبلوماسي في بلد ما.

واستمرت أمريكا في نهجها باستبعاد السيناريو الواضح، إذ قال جون كيربي، متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة الماضي، إن كابول لا تواجه على ما يبدو "خطرا وشيكا" رغم التقدم السريع لطالبان.

وجاء في حديثه نصًا: "كابل لا تشهد حاليا أجواء خطر وشيك"، رغم أنه تحدث بأن طالبان تحاول عزل العاصمة الأفغانية، بينما أعلنت طالبان في اليوم التالي مباشرة، السبت، أنها على بعد 11 كيلومترا فقط منها، واليوم هي داخل القصر الرئاسي.

وبالنظر إلى تصرفات واشنطن، نجد أن قرار الانسحاب حلت مكانه كارثة كبرى بشكل سريع، فأمريكا تركت كابول فريسة لـ"الحرب، الفوضى، وطالبان".. كما يظهر أن تلك الخطوات الأمريكية جميعها متسلسلة، ونتائجها هى الخروج من أفغانستان، بينما وقعت العاصمة في أيدي حركة متطرفة من جديد.

إجلاء البعثات وإغلاق السفارات من كابول

وبدأ العديد من الدول إخلاء سفاراتها ونقل مبعوثيها في أفغانستان، رغم وجودهم في «المنطقة الخضراء»، وهي منطقة محصنة توجد داخلها السفارات، وكذلك لجأ العديد من الدول إلى إجلاء رعاياه من هناك في أعقاب دخول طالبان.

وباشرت الدول إغلاق ممثلياتها وسفاراتها في كابول، والإعلان رسميًا عن إعادة مبعوثيها، معللة ذلك بأنه إزاء الفوضى الحالية في أفغانستان، وكذلك في ظل التطورات الخطيرة التي تقلقهم جميعا، ومن ثم قرروا الانسحاب.

وأغلقت أستراليا سفارتها في كابول منذ بدء تحركات "طالبان" في شهر مايو الماضي، والآن تبعتها خمسة دول إخلاء كل موظفيها ودبلوماسييها من كابول، حتى لو لم يكن لديها سوى "مكتب تعاون"، مثل سويسرا، التي عملت على نقل كل موظفيها من مكتبها هناك، قائلة إن ذلك بسبب تدهور الوضع الأمني.

ولحقت التشيك بركب سويسرا، وتبعتها الدنمارك والنرويج، اللتان قررتا إغلاق السفارات بشكل مؤقت في كابول، ونقل كل الدبلومسيين من هناك، بالإضافة إلى فتح باب اللجوء للأفغان العاملين داخل بلادهم، لكن لديهم أسر في كلتا البلدين.

وكذلك، قررت إسبانيا، أمس، إجلاء كل مواطنيها من أفغانستان، بالإضافة إلى الموظفين الأفغان الذي ساعدوا حكومتها، قائلة إن ذلك بسب تقدم القوات في البلاد.

واليوم، لا تزال الدول حول العالم، بريطانيا وألمانيا وأمريكا، وغيرها، تجلى رعاياها بعد وصول طالبان لزمام "كابول".