الشيخ عبدالرءوف اليمانى الحسينى مرشد صوفية الصين يكتب: «الصوفية هى روح الإسلام»

يثبت أهل الصوفية أن الإنسان الكامل هو کآدم علیه السلام، حیث کان حجة علی الملائکة، هو قطب الكون وقلبه من حيث إنه خليفة الله، هو المعاد المعنوى فيه يحفظ الله عالم الأرواح والأجسام، وهو خليفة الله فى الأرض بعد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونيابة عن الله تعالى فى الأرض، وهو قطب الكون ونعمة الله نزلت بالإنسان الكامل.
إن سلامة الكون تكون بوجود الإنسان الكامل، كما علمنا سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الأرض شكت إلى ربها انقطاع النبوة، فقال سوف أجعل على ظهرك أربعين صديقًا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا، ولذلك سموا أبدالًا لإبدال الله أخلافهم فهم أوتاد الأرض وبهم تقوم الأرض وبهم يمطرون، وعن أنس رضى الله عنه قال، قال النبى عليه السلام: لن تخلو الأرض من أربعين رجلا من خليل الرحمن فبهم تسقون الغيث وبهم تنصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله تعالى مكانه آخر. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم يدفع الله البلاء وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يكون فى الأمة أربعون على خلق إبراهيم وسبعة على خلق عيسى وواحد على خلقى.
ومن المعروف بفضل الله تعالى خلق العوالم وبث فیها أسمائه الحسنی وجعل الإنسان الکامل فی کل عصر مجلی أنواره ومظهر أسراره، فمن أراد الوصول إلى الله تعالى فليصل إلى الإنسان الکامل والقرآن مظهر الاسم الهادى وهو كتاب الله الصامت والنبى عليه السلام كتاب الله الناطق وكذا ورثته الكمل بعده، والدين الحقيقى الذى فيه كمالية الإنسان إنما يوجد توافق الظاهر والباطن فمن فارقه بقلبه وتمسك ببعض شعره وبظاهره رياء وسمعة فهو من أهل الدعوى من غير المعنى.
وإن الإنسان الكامل الذى يصلح لخلافة الحق هو مظهر صفات لطف الحق وقهره فقبولهم قبول الحق وردهم رد الحق ولعنهم لعن الحق وصِلاتهم صِلات الحق، فمن لعنوهم فقد لعنه الحق ومن صلى عليه فقد صلى الحق عليه. كما قال النبى علیه السلام: الحجرالأسود یمین الله فی الأرض، فمن لم یدرک بیعة رسول الله فمسح الحجر فقد بایع الله ورسوله.
وقال أيضًا: الرکن یمین الله فى الأرض یصافح بها عباده کما یصافح أحدکم أخاه. والعارف عند ابن سینا هو الصوفى وإن الزاهد قد یکون عابدًا ولا یکون بعبادته وزهده معا صوفیًا ولکن الصوفى لا محالة زاهد عابد والتصوف إذًا لیس خلقًا فحسب ولا زهدًا فقط.
وإن الأولياء لهم أربعة مقامات الأول مقام خلافة النبوة والثانى مقام خلافة الرسالة والثالث مقام خلافة أولى العزم والرابع مقام خلافة أولی الاصطفاء. وكما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله عبادًا تطوف بهم الكعبة.
وقال رضى الله عنه فی الأولیاء قدس الله سره: الولایة ظل النبوة والنبوة ظل الإلهیة والنبوة مستفادة من وحى الملک وغیب الأزل والولایة مطالعة روح الکشف وملاحظة مطالع البیان وصفاء یذهب کدورة البشریة وطهارة تنقى دنس الأسرار فالأنبياء مصادر الحق والأولياء مظاهر الصدق.
ويقول صاحب تفسير روح البيان: لا شک أن الکعبة عند أهل الحقیقة إشارة إلى مرتبة الذات الأحدیة والذات الأحدیة قد تجلت لرسول الله صلی الله علیه وسلم بجمیع أسمائها وصفاتها، فکانت الکعبة صورة رسول الله والحجر الأسود صورة یده الکریمة وأما حقیقة سر الکعبة والحجر الأسود فذاته الشریفة ویمینه المبارکة ومن هنا نعرف أن الإنسان الکامل أفضل من الکعبة وکذا یده إلى الحجر الأسود، ولما انتقل النبی علیه السلام خلَّفه ورثته بعده فهو مظهر هذین السرین فلا بد من تقبیل الحجر الأسود فى الشریعة ومن تقبیل ید الإنسان الکامل فی الحقیقة. لذلك نعلم أن الرابطة إنما تفيد إن كانت مع الإنسان الكامل المتصرف بقوة الولاية لأن الإنسان الكامل مرآة الحق تعالى فمن ينظر إلى روحانية بعين البصرية يشاهد الحق فيها. والحاصل أن وجود الصلحاء ودعائهم سببٌ لدفع البلاء وسقة الروق كما أن أهل العصيان وعصيانهم سببُ نزول البلاء والقحط.
ونسبة الصوفية هى وراثة الخلفاء الراشدين لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومشايخ الطريقة وعلماء الحقيقة، والأئمة الأربعة وأهل الاتباع من الطرق الصوفية هو التابع المثالى لطريقة النبى صلى الله عليه وسلم، ومظهره وهى تفسير مثالى للطريق النبى صلى الله عليه وسلم، عبادات الصوفية مبنية على اتباع القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والشريعة المطهرة، والعبادات لا تزيد ولا تنقص ولا تتغير إنما فى اتباع أصول وراثة النبوة الكاملة.
وکان النبى علیه السلام نوران نور النبوة ونور الولایة فلما انتقل من هذا الموطن بقى نور النبوة فى الشريعة المطهرة وهى باقیة فکأن صاحب الشریعة حى بيننا لم یمت وانتقل نور الولاية إلى باطن قطب الأقطاب یعنى ظاهر فیه ظهورًا تامًا فکان له مرآة وهو واحد فی کل عصر، ویقال له قطب الوجود وهو مظهر التجلى الحقى وأما قطب الإرشاد فکثیر وهم مظاهر التجلى العینی.
ومن رسالة وراثة الصوفية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «الإخلاص والتقوى لله» وأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، إن الله سبحانه وتعالى يرى ظاهرك وباطنك، عندما تريد أن تذنب لا يراك أحد ولكن تثبت أن الله يراك فسترك ذنبًا، وهذا هو الإخلاص، وأسلوب حياة الصوفية هى الحياة لله تعالى، والحياة للإسلام وللمسلمين وللبشرية جمعاء، وأخلاق الصوفية هو أخلاق المهاجرين والأنصار، لكل شىء أوله فيتفكر لغيره، وفى طاعة الله ورسوله طاعة كاملة لا النفس ولا الهوى والجهاد فى سبيل الله تعالى ويغفر للآخرين وثبوت القدر والقضاء والتسليم لهما لا الحزن ولا الشكوى.