رئيس مجلس التحرير
د. محمد الباز
رئيس التحرير
وائل لطفى
قاعدة بيانات
الثلاثاء 15/يونيو/2021 - 03:15 م

خريطة الحركات الإسلامية فى شرق إفريقيا (1 ــ 3)

الحركات الإسلامية
الحركات الإسلامية
نضال ممدوح
aman-dostor.org/36834

ظهرت الحركات الإسلامية في شرق إفريقيا منذ عقود وأصبح لها الآن انعكاسات مهمة على الإقليم، فقد تنوعت ما بين التشدد والوسطية، وأقرت تعايشا ملحوًظا مع جميع المعتقدات الأخرى، سواء من المسيحية أو اليهودية، فضلا عن الديانات التقليدية المحلية.

فعلى سبيل المثال، في السودان كانت جماعة الإخوان الإرهابية منذ إنشائها عام ١٩٥٤تحت تأثير قيادتها بمصر وتعاليم حسن البنا وسيد قطب ذات تأثير كبير في تفاعلات الحركة الإسلامية بتلك المنطقة. فبعد عودته من دراسته في لندن وباريس عام ١٩٦٤أنشأ حسن الترابي وهو شخصية بارزة في المعارضة ضد الحكومة العسكرية بقيادة إبراهيم عبود ميثاق الجبهة الإسلامية في أكتوبر ١٩٦٤، وأصبح الترابي أميًنا عاًّما لها.
وفي عام١٩٨٥، تحولت إلى الجبهة الإسلامية القومية التي حازت نجًاحا انتخابًّيا نسبًّيا من خلال الفوز بحوالي ١٠% من الأصوات في انتخابات ١٩٨٥م البرلمانية السودانية، وهي نسبة كافية لقيادة تشكيل أي حكومة ائتلافية.
وتابع الباحث في الحركات الإسلامية سامح عيد: وبعد تولي حكومة الإنقاذ البلاد عام ١٩٨٩، توسعت سلطات الجبهة الإسلامية القومية إقليمًّيا وعالمًّيا، فقد اتبعت الجبهة سياسة إيواء حركات التحرر الإسلامية والعربية والجهاديين، وهي السياسة التي سمحت لأسامة بن لادن أن يقيم في الخرطوم وسهلت هجرة أعداد كبيرة من الجهاديين من أفغانستان وباكستان والصومال ومصر وإريتريا لدعم الجهود المبذولة لمكافحة الجيش الشعبي لتحرير جنوب السودان.

وفي عام ١٩٩١ أسس الترابي المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي تحت رعاية الجبهة الإسلامية كمنتدى للجماعات الإسلامية، بما في ذلك المنظمات التي تصف بأنها متشددة مثل منظمة الجهاد المصرية، والجهاد الإسلامي الجزائرية، وحركة الجهاد الإسلامي الإريتري، والجهاد الإسلامية الصومالية وحماس وحزب الله.

ونتيجة لذلك اعتبرت الولايات المتحدة السودان دولة راعية للإرهاب في ١٩٩٣. ومع الإطاحة به من زعامة حزب المؤتمر الوطني في أعقاب محاولته للحد من صلاحيات الرئيس عمر البشير ومنع إعادة انتخابه رئيسا للبلاد في ١٩٩٩، خسر الترابي منصبه كمراقب عام لجماعة الإخوان المسلمين السودانية.

ــ حركة الجهاد الإسلامي الإريترى
برزت حركة الجهاد الإسلامي الإريتري عام ١٩٧٥، كامتداد لجبهة التحرير الإريترية ولكنها لم تعلن نفسها رسمًّيا كمنظمة مستقلة إلا في أواخر الثمانينيات؛ حيث جذبت بعض أتباعها من إريتريا والبعض الآخر من المسلمين في القرن الإفريقي، بمن في ذلك مسلمو الصومال وشعب أورومو.

وأثناء الحرب بالوكالة التي جرت بين النظام العسكري الماركسي في إثيوبيا بزعامة منجستو هيلا ماريام ونظام الاتحاد الاشتراكي في السودان بزعامة الرئيس الراحل جعفر نميري في أواخر الثمانينيات كثفت الحركات الجهادية الإسلامية نشاطها، فقد تأسست حركة الجهاد الإسلامي الإريتري، والحركات الراديكالية السلفية في السودان كجبهة التحرير القومية الإسلامية، ومنظمة الرواد المسلمين الإريترية والانتفاضة الإسلامية.

وعلى الرغم من دعوات حركة الجهاد الإسلامي الإريتري لاجتذاب المنظمات الإسلامية المماثلة في التفكير للتعاون معها أو الانضمام إليها، فقد شهدت أواخر التسعينيات العديد من الانشقاقات عن الحركة مثل حركة الإصلاح الإسلامي الإريتري، ومنظمة أبو سهيل، وحركة الخلاص الإسلامي الإريترية والحزب الإسلامي الإريتري للعدالة والتنمية، قد استخدمت المنظمات الإسلامية الراديكالية الإريترية الإسلام كأيديولوجية للتحرر الوطني.

ــ الاتحاد الإسلامى الصومالى
في الصومال نشطت عدة حركات إسلامية كحركة الاتحاد الإسلامي التي نشأت خلال أوائل الثمانينيات من تحالف بين وحدة الشباب الإسلامي والجماعة الإسلامية، ومن ثم تحولت من جماعة دعوية سلمية معارضة لنظام سياد بري إلى منظمة مسلحة مشتركة في النزاع المسلح بعد انهيار الدولة الصومالية في التسعينيات.

وانتشرت أنشطة الاتحاد الإسلامي إلى منطقة الأوجادين في إثيوبيا، كما أقامت علاقات مع جماعات إسلامية متشددة كأعضاء في تنظيم القاعدة المتمركزة في أفغانستان والسودان. وأدت أنشطة الاتحاد في الأوجادين إلى مواجهة مع الحكومة الإثيوبية التي ادعت أن الاتحاد يرعى معسكرات لتدريب المقاتلين الإسلاميين من الصومال وإثيوبيا وإريتريا وكينيا وأوغندا على مجموعة متنوعة من الأنشطة، بما في ذلك استخدام الأسلحة الصغيرة وحرب العصابات والتفجيرات الانتحارية واستخدام الألغام والمتفجرات والتجسس والنقل والإمداد، وكان الرد السريع من قبل الحكومة الإثيوبية في عام ١٩٩٧ بطرد الاتحاد من إثيوبيا وتدمير قواعده في الصومال. وعلى الرغم من تفكيك الاتحاد عاد قادته مقديشيو حيث كونوا حركة جديدة أكثر تشددا وذات صلات بالمنظمات الجهادية العالمية.

ــ اتحاد المحاكم الإسلامية
تزامن ظهور اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال مع انهيار نظام سياد بري وتفكيك الدولة الصومالية، وتناحر الحركات العشائرية والميليشيات التي فشلت في تسوية الخلافات، وعودة البلاد إلى حكم المحاكم الإسلامية بقيادة شيخ شريف أحمد وبتأييد محمد سياد أحد أمراء الحرب الصوماليين الذين كانوا يسيطرون على شابيل الجنوبية.

فقد عرضت المحاكم الإسلامية نظًاما بديًلا لنظام الشرطة وأعلنت عن أنها قادرة على إنهاء الفوضي التي ضربت مقديشيو منذ سنوات؛ وبالتالي سد العجز الشديد في الحكم الذي نتج عن انهيار الدولة، كما ساهمت في الخدمات العامة التي كانت تعتبر فيما مضى اختصاص الدولة أو المنظمات غير الحكومية كالصحة والتعليم. وبحلول عام ١٩٩٩ أصبحت المحاكم الإسلامية المصدر الوحيد للأمن، وشملت التدابير التي اتخذتها إنشاء محكمة الاتحاد الإسلامي وتنظيم الميليشيات وتوسيع أنشطتها لتشمل السيطرة على أسواق مقديشيو والطرق الرئيسية التي تربط العاصمة بالطرق التجارية المهمة في جميع أنحاء الصومال.

وأعقب ذلك خطوات صارمة نحو تطبيق الشريعة الإسلامية، واستطاع تحالف شريف ومحمد سياد السيطرة على معظم جنوب الصومال بما في ذلك كيسمايو، ورًّداعلى ذلك قام أمراء الحرب الصوماليون وبدعم من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بش للمرة الأولى بالاتحاد مًعا لمقاومة هيمنة وحدة المحاكم الإسلامية، إلا أن الاتحاد فشل في تحقيق أي انتصار على المحاكم الإسلامية مما أدى في نهاية الأمر لغزو إثيوبيا للصومال في ديسمبر ٢٠٠٦، وتوجيه ضربات موجعة للمحاكم الإسلامية في غضون أسابيع.