الخارجية الأمريكية ترصد: كيف تواجه القاهرة الإرهاب؟

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، مساء أمس الأول، تقريرها السنوى عن مكافحة الإرهاب حول العالم فى ٢٠١٨، الذى شمل العديد من الدول، والجهود التى بذلتها من أجل مكافحة التطرف والجماعات الإرهابية.
وجاءت مصر من بين الدول التى ركز عليه التقرير السنوى، واصفًا
إياها بأنها «شريك مهم للولايات المتحدة فى مكافحة الإرهاب»، كما أنها عضو فى التحالف
الدولى لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابى، وعضو فى المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب «GCTF».
وذكرت الخارجية الأمريكية أن الهجمات الإرهابية فى سيناء
خلال عام ٢٠١٨ تضاءلت مقارنة بعام ٢٠١٧، مشيرة إلى أنه منذ يوليو ٢٠١٨ كان الاتجاه
الإرهابى ضد سيناء، والهجمات التى تستهدف قوات الأمن والمسيحيين والمدنيين والسياح
الأجانب، فى تراجع.
وأوضحت: «مع إطلاق العملية العسكرية الشاملة فى سيناء واصلت
الحكومة المصرية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقوات الأمن، بذل جهود ضخمة لمحاربة
الجماعات الإرهابية فى شمال سيناء، وعلى رأسها تلك التى تعد ذراعًا لتنظيم داعش الإرهابى».
وتطرقت إلى الجماعات المسلحة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية،
قائلة: «الجماعات التى صنفتها الولايات المتحدة إرهابية، مثل (لواء الثورة) و(حركة
سواعد مصر)، تمثلان تهديدًا مستمرًا»، مستدركة: «لكن هناك تراجعًا فى الأنشطة التابعة
لها مقارنة بالسنوات السابقة».
ورصدت خارجية واشنطن أبرز ٤ هجمات شهدتها مصر، خلال ٢٠١٨،
على النحو التالى:
- فى ١٤ أبريل، نفذ ١٤ من عناصر «داعش»، هجومًا ضد القوات
المسلحة المصرية فى قرية «القصيمة» بشمال سيناء، ما أدى إلى استشهاد ٨ من أفراد القوات
المصرية.
- فى ١٢ أغسطس، فجر إرهابى نفسه بالقرب من كنيسة «العذراء»
فى حى شبرا بالقاهرة.
- فى ٢ نوفمبر، فتح إرهابيون النار على حافلات تقل أقباطًا
كانوا متجهين إلى أحد الأديرة فى محافظة المنيا، وأعلن «داعش» مسئوليته عن الهجوم فى
وقت لاحق.
- فى ٢٩ ديسمبر، أصيبت حافلة سياحية جراء انفجار قنبلة بالقرب
من منطقة الأهرامات بالجيزة، ما أسفر عن مقتل ٣ سياح فيتناميين، ومرشد سياحى مصرى،
وإصابة ١١ آخرين.
وكذلك، رصدت الخارجية الأمريكية أهم التشريعات القانونية
وعمليات أمن الحدود التى أجرتها مصر خلال العام الماضى.
وأوضحت أنه فى فبراير ٢٠١٨، أطلقت قوات الأمن والجيش المصرية
العملية الشاملة فى سيناء، بهدف القضاء على الإرهاب فى شبه الجزيرة، وشهدت العملية
زيادة التنسيق بين وزارتى الدفاع والداخلية فى استهداف العناصر الإرهابية هناك.
بالإضافة لذلك، أعلنت الحكومة المصرية أنها تخطط لتكييف استراتيجيتها
لمكافحة الإرهاب مع تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، وأهداف التنمية الاقتصادية
والاجتماعية طويلة الأجل، كجزء من نقاط الحوار الحكومية حول أنشطتها فى سيناء، وفق
التقرير. وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية رأت أن أكثر المخاوف تتمثل فى أمن الحدود
مع ليبيا والسودان وقطاع غزة المحاصر، ما جعل السلطات فى مصر تتحقق من عدم وجود ثغرات
أمنية فى وثائق السفر، وإجراء عمليات مسح ضوئى للمستندات للتحق منها فى قواعد بيانات
جنائية تحتوى على بيانات مفصلة وخطيرة للغاية. ونوه إلى امتلاك مصر قائمة مراقبة للإرهابيين،
موجودة مع المسئولين داخل منافذ الهجرة والسفر مثل الموانئ والمطارات، وتحتوى على معلومات
مفصلة تحتفظ بها الأجهزة الأمنية. ومن الجهود الأخرى، مصادقة الرئيس السيسى، فى أغسطس،
على قانون مكافحة جرائم الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، الذى يحارب استخدام الإنترنت
من قبل المنظمات المتطرفة والإرهابية، ويحظر نشر تحركات الجيش أو الشرطة، أو الترويج
لأفكار المنظمات الإرهابية.
وأشارت الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة ساعدت
مصر فى جهود مكافحة الإرهاب، عن طريق توفير التدريب والمعدات، وغيرهما من المساعدات
لأجهزة إنفاذ القانون، مشيرة إلى أن القاهرة «قد تطلب مساعدة دولية لتعزيز قدراتها
التقنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن ٢٣٩٦ الخاص بمكافحة سفر الإرهابيين».
ولم تقتصر جهود مصر على مكافحة الإرهاب ميدانيًا، وامتدت
لتشمل مواجهة تمويل الإرهابيين، وفق التقرير، الذى أوضح أن مصر لديها وحدة مكافحة غسل
الأموال وتمويل الإرهاب «EMLCU»، التى وافقت، فى عام ٢٠١٨، على إجراءات
العناية الواجبة لدى العملاء ومعرفة قواعدهم، للحد من تمويل المتطرفين.
وفى العام ذاته، طبقت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
نظام «SIRON» بالجهاز المصرفى المصرى، وهو نظام تحليل تلقائى متقدم طورته الأمم
المتحدة لجهود مكافحة غسل الأموال.
وأضاف التقرير: «وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
فى مصر تتعاون مع جهاز الأمن القومى بالداخل فى قضايا الإرهاب، ومع هيئة الرقابة الإدارية
فى القضايا العامة، كما أنها عضو فى المجلس الوطنى للمدفوعات فى مصر، والذى يرأسه الرئيس
السيسى، وهو مسئول عن تنسيق الجهود الحكومية لتحديث طرق الدفع فى البلاد». كما أن مصر
عضو فى فريق العمل المالى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا «MENAFATF»،
وفى مجموعة «Egmont» لوحدات الاستخبارات المالية، التى لعبت فيها دورًا رائدًا، نظرًا
لرئاستها مجموعة العمل الخاصة بالعضوية والدعم والامتثال، بحسب التقرير.
وامتدت جهود مصر لتشمل كذلك مواجهة الإرهاب فكريًا، وذكرت
الخارجية الأمريكية أن دار الإفتاء المصرية تولت زمام المبادرة واعتمدت على وسائل إلكترونية
لمكافحة التطرف والعنف، والتوجيه الدينى الذى تحاول الجماعات الإرهابية نشره.
وأوضحت: «فى أكتوبر ٢٠١٨، نظمت دار الإفتاء مؤتمرها الدولى
الرابع حول الاستراتيجيات العالمية للحد من إصدار الفتوى وقصرها على المؤسسات الدينية
الرسمية، وهو ما نتج عنه إطلاق مؤشر الفتوى العالمى، الذى يتبع منهجية علمية لمراقبة
وتحليل وتقييم خطابات الفتوى، ويضع منهجًا لطالبى الفتاوى فى جميع أنحاء العالم».
واستمر الأزهر فى إصدار بيانات تعزز التسامح الدينى، وتتحدى
بيانات «داعش»، وتثبت تطرف التنظيم وميله إلى العنف، كجزء من وسائل مكافحته محليًا،
فضلًا عن استخدامه لشبكة الإنترنت لتحقيق الهدف ذاته. ووجهت وزارة الأوقاف توجيهات
للأئمة والدعاة بتخصيص خطب الجمعة لزيادة فرص التعليم الدينى المعتدل، وتوفير المزيد
من الأدوار القيادية للمرأة، وأخضعت ٣٠٠ داعية منهن، فى يونيو، لبرنامج تدريبى حول
تفسير النصوص الدينية.
وأشارت الخارجية الأمريكية إلى أن الحكومة المصرية نشرت،
فى يوليو، خطة عمل لتجديد الخطاب الدينى، الذى شمل توظيف وتدريب الأئمة، وتوسيع دور
المرأة فى الوعظ الدينى، وفتح أكاديمية تدريب للخطباء للمساعدة فى الوصول إلى شرائح
مختلفة من المواطنين. وفيما يتعلق بجهود المؤسسات الأخرى، عمل مركز القاهرة لتسوية
النزاعات وحفظ السلام فى إفريقيا «CCCPA»، التابع لوزارة الخارجية المصرية،
على تنظيم دورات تدريبية لمواجهة التطرف والعنف، تحت برنامج موسع يدعى «PRELT»، ويهدف لمنع انتشار الأيديولوجية المتطرفة بين الأفراد فى المجتمعات
التى تعتبر عرضة للتجنيد الإرهابى.
ونوهت إلى توسيع مظلة عمل مركز القاهرة، فى ٢٠١٨، ليصبح من
جنوب صحراء إفريقيا وحتى الساحل الإفريقى.
كما استمرت مصر فى دعم جهود مكافحة الإرهاب من خلال المنظمات
الإقليمية والمتعددة الأطراف، وفى مقدمتها «المنتدى العالمى لمكافحة التطرف»، وتشارك
حاليًا فى رئاسة مجموعة عمل المنتدى بشرق إفريقيا، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى.
واستضافت القاهرة الاجتماع العام السنوى لمجموعة العمل فى
القاهرة، بصفتها رئيسًا لمجلس السلام والأمن فى الاتحاد الإفريقى، الذى شهد مناقشات
بانتظام حول قضايا مكافحة الإرهاب، واستغلت رئاستها الاتحاد فى تنظيم قمة لمكافحة الإرهاب
على مستوى رؤساء الدول، ركزت على وجود نهج شامل لمكافحة الإرهاب، وكذلك، أعلنت إنشاء
مركز جديد لمكافحة الإرهاب، فى القاهرة، لصالح دول الساحل والصحراء، بهدف تعزيز التعاون
عبر الحدود فى تلك المناطق.