رئيس مجلس التحرير
د. محمد الباز
رئيس التحرير
وائل لطفى
قضايا
الخميس 07/ديسمبر/2017 - 12:23 ص

على جمعة يوضح معنى مصطلح «أهل السنة والجماعة»

على جمعة يوضح معنى
aman-dostor.org/2341

أوضح الدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق في كتاب"الأجوبة السديدة لبعض مسائل العقيدة"من هم أهل السنة والجماعة وكيف نعرفهم؟ فيقول: عبارة «أهل السنة والجماعة» مركب لفظي نحتاج لفهم معناها ومعرفة معنى كل مفردة على حدة، ومعنى المركب مجتمعا، ولابد من التعرف على هذه المعاني في اللغة والاصطلاح على النحو التالي : المعنى اللغوي: أهل السنة والجماعة، عبارة تتركب من ثلاثة ألفاظ الأول: أهل. والثاني: السنة. والثالث : الجماعة. وأهل : أَهْل الرجل عَشِيرتُه وذَوُو قُرْباه، والجمع أَهْلون، وآهَالٌ، وأَهَالٍ، وأَهْلات، وأَهَلات. والأَهَالي جمع الجمع. فأَهْلُ المذهب مَنْ يَدين به وأَهْلُ الإِسلام مَن يَدِين به وأَهْلُ الأَمر وُلاتُه وأَهْلُ البيت سُكَّانه وأَهل الرجل أَخَصُّ الناس به. قال صاحب مختار الصحاح: السَّنَنُ الطَّريقة، والسُّنَّة السِّيرة. قال الأزهري : «والسُّنّة الطريقة المستقيمة المحمودة». وفي الحديث: «من سنَّ سُنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سنَّ سُنّة سيئة " يريد من عمل بها ليُقتدى به فيها. قال الجرجانى في التعريفات : «السنة في الشريعة: هي الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض وجوب، فالسُّنة: ما واظب النبي، صلى الله عليه وسلم، عليها، مع الترك أحيانًا، فإن كانت المواظبة المذكورة على سبيل العبادة فسنن الهدى، وإن كانت على سبيل العادة فسنن الزوائد، فسنة الهدى ما يكون إقامتها تكميلاً للدين، وهي التي تتعلق بتركها كراهةً أو إساءة، وسنة الزوائد، هي التي أخذها هدى أي إقامتها حسنة ولا يتعلق بتركها كراهة ولا إساءة كسير النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه وقعوده ولباسه وأكله. والجماعة لغة : هي عدد كل شيء وكثرته. فمعنى المركب اللفظي «أهل السنة والجماعة» في اللغة: أصحاب الطريقة المحمودة المجتمعين الكثر. أما معنى "أهل السنة والجماعة" اصطلاحا: فهم الذين على طريقة النبي صلى الله عليه وأصحابه في الاعتقاد المجتمعين عليها والمتكاثرين. وعلامتهم تكون بتجمعهم على إمام واحد، فإذا غاب الإمام فتكون بالسواد الأعظم من المسلمين الذين حث النبي صلى الله عليه وسلم على لزومهم. وهم ثلاث طوائف : الأولى : أهل الحديث، ومعتقد الأدلة السمعية، الكتاب والسنة والإجماع. الثانية : أهل النظر العقلي وهم الأشعرية والحنفية (الماتريدية). وشيخ الأشعرية هو أبوالحسن الأشعري، وشيخ الحنفية أبو منصور الماتريدي. وهم متفقون في المبادئ العقلية في كل مطلب يتوقف السمع عليه، وفي المبادئ السمعية فيما يدرك العقل جوازه فقط والعقلية والسمعية في غيرها، واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية إلا في مسائل. الثالثة : أهل الوجدان والكشف وهم الصوفية. ومباديهم مبادي أهل النظر والحديث في البداية والكشف والإلهام في النهاية. يقول الإمام محمد أحمد السفاريني الحنبلي : «أهل السنة والجماعة ثلاث فرق : الأثرية : وإمامهم أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى. والأشعرية : وإمامهم أبوالحسن الأشعري رحمه الله تعالى. والماتريدية : وإمامهم أبومنصور الماتريدي. وأغفل السفاريني الصوفية ليس لأنه لم يعدهم من أهل السنة والجماعة، وإنما لأنه لم يعدهم مذهبا عقائديا، بل هو مذهب سلوكي فلم يستقل الصوفية بمذهب في إثبات قضايا التوحيد، بل كانوا يتبعون في العقيدة أهل السنة والجماعة إما بموقف أهل الحديث، أو موقف الأشاعرة والماتريدية. أما موقف أهل الحديث أو الأثر والذي كان يؤثر عدم الخوض والردود فلم يستمر على ذلك، فقد دخلوا ميدان الرد عندما قوت شوكة المعتزلة، فاضطروا إلى مجابهتهم، كما اضطر الإمام أحمد بن حنبل أن يقف مدافعا عن العقيدة الصحيحة فقال : «كنا نرى السكوت عن هذا قبل أن يخوض فيه هؤلاء، فلما أظهروه لم نجد بدا من مخالفتهم والرد عليهم. المنهج القويم في الإيمان بالله سبحانه وتعالى وصفاته، هو منهج أهل السنة والجماعة، وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم، إلا أنهم لم يفصلوه لعدم الحاجة للتفصيل والرد. كيف نعرف الجماعة ؟ (علامتهم) بعد انقضاء العهد النبوي، وفي نهاية عهد الخلفاء الراشدين بدأت الانقسامات المذهبية بين الجماعة المسلمة، وربما لدواع سياسية ظهرت فرقة الخوارج، ومن بعدها الشيعة، وظهرت النواصب وهذه الفرق كلها بدأت في الظهور والتكوين بسبب ما حدث من خلافات في نهاية عهد الإمام علي رضي الله عنه. ثم بعد ذلك ظهرت المعتزلة، ومال بعض حكام بني العباس لما ذهبت إليه المعتزلة، وثبت الإمام أحمد ينافح على ما كان عليه الأمر الأول، ولذا لقب بإمام أهل السنة والجماعة لجهاده وصبره في تلك المحنة التي تدخل فيها السلطان ولم تقتصر على المناظرات العلمية. ثم ظهرت فرق الكرامية ونسبت نفسها للإمام أحمد رضي الله عنه، وبدأت فرق التجسيم في الظهور إعمالا لظواهر بعض النصوص الواردة في القرآن الكريم. ولا شك أن كل فرقة من هذه الفرق لم تصرح بأنها تخالف مع عليه النبي صلى الله عليه والصحابة من الاعتقاد، بل على العكس تماما صرحت أن ما تعتقده هو العقيدة الصحيحة التي كان يعتقدها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فحدث الإشكال وهو من هم الجماعة ؟ إذا قلنا إنهم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالكل يدعي أن مذهبه يفسر ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة. كانت العلامة الواضحة التي تعرف بها الجماعة التي يجب لزومها هي التجمع حول إمام المسلمين الذي يحكم الأقطار الإسلامية، فلم يكن صعبا في الماضي التعرف على جماعة المسلمين الواجب لزومها. ولكن بسقوط الخلافة الإسلامية ولم يعد للمسلمين إمام يجمع الجماعة المسلمة كلها في كل أقطارها حتى تجتمع عليه، وما استحدث في نظم الدول الحديثة، ومفهوم الدولة القومية أو الوطنية أبعدنا عن هذه العلامة التي كانت تيسر علينا معرفة من هم جماعة المسلمين. ولم يبق لنا من العلامات التي ترشدنا للجماعة المسلمة التي يجب لزومها إلا مفهوم الكثرة من المسلمين، والسواد الأعظم الذي اجتمع عليه أغلب المسلمين سلفا وخلفا، فهذه هي جماعة المسلمين التي يجب لزومها. وبيسير من التتبع لعلماء الأمة بداية من ظهور الفرق والفتن والأقوال، يمكن أن نعلم أين كان السواد الأعظم منهم وكيف فهموا عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، وفسروها. وقد يقول قائل : ولماذا تعتمدون على الكثرة من المسلمين في التعرف على أهل السنة والجماعة، فنقول : إننا لم نذهب للكثرة من البداية، وقلنا إن أهل السنة والجماعة هم من تجمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم ادعت كل فرقة أنها على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقلنا: نلزم جماعة المسلمين المجتمعين على إمامهم. فعلمنا أن إمام المسلمين زال بزوال الخلافة وتغير الحال. فصرنا إلى الكثرة من المسلمين لأنها موافقة لمفهوم الجماعة لغة. ولأن الأحاديث النبوية صرحت بهذا المفهوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا» وقال : «يد الله على الجماعة فاتبعوا السواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن أمتي لا تجتمع على ضلالة . فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم. وفي السنن الكبرى للبيهقي عندما رأى أبوغالب أبا أمامة يقول على الخوارج كلاب جهنم، قال : «قلت : هم هؤلاء يا أبا أمامة ؟ قال : نعم. قلت : من قبلك تقول، أو شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : إني إذا لجرئ، بل سمعته، لا مرة، ولا مرتين، حتى عد سبعا، ثم قال: إن بني إسرائيل تفرقوا على إحدى وسبعين فرقة وإن هذه الأمة تزيد عليهم فرقة كلها في النار إلا السواد الأعظم.