رئيس مجلس التحرير
د. محمد الباز
رئيس التحرير
وائل لطفى
قاعدة بيانات
الخميس 05/يوليه/2018 - 08:15 م

أبو بصير الوحيشي.. اصطياد خليفة "بن لادن"

أبو بصير الوحيشي..
محمد الفقي
aman-dostor.org/11798

"قليل الظهور.. كبير التأثير"، هكذا يمكن توصيف أحد أبرز قادة تنظيم القاعدة "الإرهابي"، الذي استطاع أن يقود أحد أفرع التنظيم لسنوات ليست قليلة، حتى بات أبرز وأقوى فروعه.

ناصر الوحيشي أو "أبو بصير" –كما يلقب في الأوساط الجهادية-، تمكن خلال فترة قصيرة من إحياء فرع تنظيم القاعدة في اليمن، قبل أن يدمج تحت قيادته فرع القاعدة في السعودية، تحت اسم "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" أو تنظيم "أنصار الشريعة".

تصاعدت أسهم الوحيشي مع مرور الوقت ونجاحه في التأسيس الثاني لفرع القاعدة في جزيرة العرب، حتى بات الرجل الثاني في التنظيم بعد زعميه الطبيب المصري أيمن الظواهري.



سقط "أبو بصير" قتيلا في 2015، بعد استهدافه من قبل القوات الأمريكية، لتعد الخسارة الأكبر لتنظيم القاعدة بعد مقتل مؤسسه وزعيمه الأول أسامة بن لادن على يد القوات الأمريكية في عملية اقتحام لمنطقة أبوت أباد في باكستان، حيث مقر إقامة بن لادن، إبان عام 2011. 




مقتل بن لادن واحتجاز عدد من كبار قادة القاعدة المؤسسين للتنظيم أواخر تسعينيات القرن المنصرم في إيران على رأسهم "سيف العدل"، فتح الطريق على مصراعيه أمام الصعود الكبير للوحيشي، ليكون خليفة الظواهري الذي تولى زعامة القاعدة بداية من 2011 حتى الآن.


أخطر الإرهابيين


بعد مقتل بن لادن وصعود الظواهري لقيادة تنظيم القاعدة، وما تردد حول تصعيد الوحيشي ليكون نائبا للظواهري، بات من أخطر الإرهابيين في القائمة الأمريكية الطويلة.

في عام 2014 زادت الولايات المتحدة الأمريكية، قيمة المكافأة للإبلاغ عن أي معلومات حول مكان إقامة الوحيشي إلى 10 ملايين دولار أمريكي، ليتساوي مع زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي.


وتخطى الوحيشي في القائمة الأمريكية بعد وفاة بن لادن، عدد كبير من قادة أفرع تنظيم القاعدة، بناء على مكانته التي حظى بها داخل التنظيم، وفي الأوساط الجهادية.


ومنذ مقتل بن دلان في 2011، وخلال عامين فقط، أصبح الوحيشي الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، إذ عينه الظواهري مساعدا له، بحسب تقارير استخباراتية نشرتها صحف عالمية.

ويأتي الاهتمام الكبير باستهداف الوحيشي في إطار الاستراتيجية الأمريكية التي وضعتها في دليل مكافحة التمرد، الذي يحث صراحة على تصفية القيادات من أجل توجيه ضربات قوية للتنظيمات المسلحة، والتي من شأن هذه الخطوة َإضعافها.


ووضعت الولايات المتحدة الأمريكية، دليل اسمته "الدليل الميداني لمكافحة التمرد الخاص بقوة المشاة البحرية الأمريكية عام 2006"، وما تبعه من توجهات استراتيجية أمريكية لاصطياد قيادات الجماعات المسلحة، وهي مستمرة حتى الآن.


التأسيس الثاني


يُنسب لــ "الوحيشي" التأسيس الثاني لتنظيم القاعدة في اليمن، قبل إعلان دمجه مع فرع التنظيم في السعودية عام 2009 تحت قيادته، وكان التأسيس الأول في أواخر تسعينيات القرن المنصرم، بعد إطلاق "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى عام
1998.

وتولى التأسيس الأول عدد من قيادات القاعدة بعضهم "مصريين" الذين شاركوا في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي، قبل أن يفروا إلى اليمن، ويشرعون في تأسيس عمليات مسلحة في اليمن.

وكانت عملية استهداف المدمرة الأمريكية "كول" في عام 2000، مؤشر على تصاعد فرع تنظيم "القاعدة" باليمن، وهو ما لفت الولايات المتحدة إلى خطورة هذا الفرع، وبدأت في التخطيط لاستهدافه، وملاحقة قياداته وعناصره.

بعد عملية 11 سبتمبر 2001، أعلنت أمريكا الحرب على الإرهاب، إذ أقدمت على توجيه ضربات عسكرية في أفغانستان، فضلا عن تصفية قيادات القاعدة في أفرعها، وتحديدا في اليمن، والذي كان يعد أنشط أفرع القاعدة، حتى تلقى ضربات موجعة.


في 2006 أتاحت الظروف داخل اليمن إلى تصاعد نجم "الوحيشي"، بعد هروبه من أحد السجون اليمنية، برفقة عدد آخر من عناصر تنظيم "القاعدة"، بما أثر على تزايد نشاط التنظيم بشكل ملحوظ تحت قيادة غير رسمية للوحيشي.

"أبو بصير" كان لا يزال في تلك الفترة غير مؤهل لقيادة فرع القاعدة في اليمن، صغر سنه في البداية كان عائقا أمام تولي هذه المسؤولية الكبيرة.


لم يشفع للوحيشي تواجده في أفغانستان في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، ولكن كان صغير السن حينها، فلم يكن يتجاوز عمره حينها 15 أو 16 عاما تقريبا، على افتراض صحة مولده عام 1976.

وأصبح الوحيشي سكرتير خاص لبن لادن وتنقل معه في أكثر من منطقة، حتى القبض عليه في إيران وتسليمه إلى اليمن، وأودع السجن رفقة آخرين، حتى تمكن الهرب مع بعض السجناء من أحد أشد سجون اليمن حراسة، خلال عام 2007.


وتطلع بقيادة التنظيم حتى تنصيبه رسميا عام 2009، بإعلانه دمج فرعي تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية، لينفذ عملية فاشلة لاغتيال وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف –أصيب فقط-.

وتمكن منذ عام 2009 وحتى مقتله في 2015، من تأسيس أنشط وأقوى فروع القاعدة، رغم الملاحقات الأمريكية لهذا الفرع بشدة، عبر استهداف قيادته وتجمعاته بطائرات من دون طيار.


خليفة "بن لادن"


وجد عناصر تنظيم "القاعدة" في الوحيشي، الرجل الذي سيواصل مسيرة زعيمهم "أسامة بن لادن" المقتول في 2011، خاصة وأن الظواهري الزعيم الحالي، كانت اهتماماته السابقة في التوجيهات الشرعية والفكرية، لا التنظيمية الحركية داخل التنظيم.

وتصاعدت هذه التصورات بشدة، لا أن يحل الوحيشي محل الظواهري، ولكنه يكون خليفته في زعامة التنظيم، خاصة بعد اهتزاز صورة الظواهري، في الأزمة التي شهدتها سوريا عقب اندلاع الثورة هناك، وظهور جماعات مسلحة ذات صبغة إسلامية "جهادية" –حسب ما يصفون أنفسهم-.

رفض زعيم تنظيم "داعش"أبو بكر البغدادي، الامتثال لقرار الظواهري بقطع علاقاته بكل ما يتعلق بالساحة السورية، والتركيز في العمليات داخل العراق فقط، باعتبار أن التنظيم جزء من"القاعدة"، وهو ما وضع الظواهري في حرج.

وثارت خلافات لم تحسم حتى الآن حولبيعة تنظيم "داعش" للقاعدة وبن لادن، عقب دمج تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مع مجموعة أبو مصعب الزرقاوي.

وبدأ تنظيم "داعش" يختصم من رصيد "القاعدة" بشدة في بعض أفرعه، من دون قدرة الظواهري على مواجهة هذا التمدد الكبير للتنظيم الإرهابي، ولكن ظل فرع القاعدة في اليمن متماسكا، وجددوا البيعة للظواهري، باستثناء انشقاق بعض العناصر التي كونت مجموعة تابعة لـ "داعش" في اليمن، لم يكن لها تأثيرات كبيرة.

وتعامل تنظيم "داعش" مع فرع القاعدة في اليمن بحذر شديد، إذ لم يصدر هجوما صريحا عليه رغم الخلافات الكبيرة مع الظواهري، بل صدرت مطالبات من الوحيشي بفض البيعة للظواهري والانضمام لـ "داعش"، هذا ما يؤكد مكانة الوحيشي في الأوساط الجهادية.